17 - 07 - 2024

نقطة نور| التكريم وقانون القبح

نقطة نور| التكريم وقانون القبح

 

أن يتم تكريمك فهذا أمر يحمل الكثير من الرسائل منها أن حياتك لم تكن عبثا ، ويحمل التكريم معني الوفاء والاعتراف بجهدك في زمن وبلد لم يعد يعترف الإ بمنطق القوة وقانون القبح ،الطارد للجمال  ،ومعناه أن  المؤسسات الرسمية أصبح لها معايير خاصة للتكريم والجوائز والترقي ،ف المثقف المدجن أهل لكل تكريم ،والمثقف الحقيقي مكانه  التهميش أو السجن ، من هنا يأتي تكريم الهيئات والمؤسسات الفنية والصالونات الأدبية  الخاصة ليحمل رسائل مختلفة ، تبحث عن كل ما هو حقيقي ،فليس لديها حسابات الثواب والعقاب ، جاء تكريمي من صالون شيخ الحفارين الفنان وحيد البلقاسي يوم 26 أكتوبر في مدينة بيلا ليجمعني بنخبة من المثقفين الكبار كالدكتور علي عفيفي الشاعر والسيناريست والناقد الأدبي والإعلامي الكبير، والذي تزاملت معه في قناة النيل الثقافية ،والذي يمثل أصدق مثال لإهدار المواهب في مصر فهو شجرة متنوعة من الإبداع فهو شاعر كبير وسيناريست مهم، قدم الوثائق الوحيدة تسجيليا عن شهداء ثورة يناير ،وهو معد ومخرج  ومصور وهو في كل هذه المجالات متميز ومتفرد، فهل يترك ورفاقه ليحترقوا بقبس الحقيقة القابضين عليها بإروحهم ، جمعني المكان بالشاعر العملاق محمد الشهاوي الذي عرفته جائزة كفافيس العالمية في الشعر متأخرة !

مبدعي كفر الشيخ يؤكدون أن الجواهر توجد في أعماق الجغرافيا.

الروائي أحمد ماضي قدم أكثر من 10 روايات  لم يسمع بها اهل القاهرة .!

جمعني التكريم بالشاعر الكبير ممدوح المتولي وهو شاعر لا يقل في قيمته عن محمد الشهاوي ،والاستماع لإشعاره  متعة خالصة تحيلك لصور غنية بلغة تحتار من روعتها هل هي فصحي أم عامية ؟،عرفني التكريم بقيمة أشخاص عمالقة في إبداعهم كل جريمتهم أنهم من أبناء الأقاليم ليس الأ ، فالفنان وحيد البلقاسي أعده فنانا عالميا في فن الحفر وفي امتلاكه ناصية الأبيض والأسود ،وفي تطويعه العبقري الجميل والبسيط  للمفردات الشعبية ،وأستخدم الجسد الإنساني بكل ترهلاته ليخرج منه آيات الجمال ،تماما كما أستخرج فان جوخ الجمال من حذاء بال مهترئ !أذا عبر الفنان وحيد البلقاسي البحر المتوسط  ،لعبرت لوحاته للعالمية ، هذا ما اسميه قانون القبح الذي يلفظ الجمال الحقيقي ويبارك الأدعياء وأرباع المواهب ، ويعد الفنان المبدع الملحن والمطرب السكندري محمود يوسف أصدق مثال علي إهدار المواهب الحقيقية فصوته وعذوبه الحانة تضعه في مصاف كبار الملحنين في مصر ،وتكريمه انتصارا للجمال ، وقد أمتع الحاضرين بغنائه وبإحساسه الثري . وهناك  مثقف دمنهور الكبير الكاتب الكبير كامل رحومة الذي قدم للمكتبة العربية مؤلفات فريدة عميقة منها المسيري وثقافة المكان والمقاهي الثقافية في العالم ونوري ولا دمنهوري ونبي دمنهور وغيرها من أعمال وكتابات تؤصل لترسيخ الهوية الثقافية والحضارية وتعد حوائط صد ضد القبح الذي غطي الوطن .

عندما تنسي مصر كل هؤلاء ، فإنها تنسي ملامح وجهها وتضيع منها بوصلة التنوير ،وتضل الطريق وتغيب شمسها الذهب حتما ، تحية لكل من شارك في هذا الجمال ،والتكريم بداية وليس نهاية .

--------------------------------

[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

نقطة نور| عذابات اليمانى السيزيفة النازفة